مكتب سماحة المرجع النجفي(دام ظله) يستقبل خدام العتبة العباسية ويقدم عدداً من النصائح والتوجيهات المهمة
29/4/2025
في إطار برنامج الزيارات الدورية التي ينفذها خدام العتبة العباسية المقدسة إلى مدينة النجف الأشرف، استقبل المكتب المركزي لسماحة المرجع النجفي (دام ظله) وفدًا من المنتسبين إلى العتبة المقدسة. وتأتي هذه الزيارة في سياق تعزيز التواصل الروحي والفكري بين المؤسسات الدينية، وإتاحة الفرصة لتبادل الخبرات في مجال الخدمة الدينية والاجتماعية. وقد خُصص اللقاء لمحاضرة توجيهية هدفت إلى ترسيخ القيم الأصيلة المرتبطة بأداء الواجبات العبادية وخدمة الزائرين، بما يحقق نقاء النية وصفاء العمل.
أهمية النية كمحور أساسي للعمل
في مستهل المحاضرة، شدد سماحة السيد محمد طاهر الجزائري، ممثل مكتب سماحة المرجع النجفي، على أن النية الصادقة هي الأساس الذي تُبنى عليه جميع الأعمال. وأوضح أن أي نشاط تعبّدي أو خَدَمي، مهما بلغ من الظاهر والجهد، يفقد قيمته الحقيقية إذا لم يكن نابعا من قناعة داخلية وارتباط وجداني بالمقصد الإيماني. وأضاف أن النية ليست مجرد أمر شكلي، بل هي العمود الفقري الذي يمنح الأفعال معناها الحقيقي ويجعل منها وسيلة للتقرب إلى الله لا غاية ظاهرية تفتقر إلى العمق.
الخدمة بين الروح والاعتياد
تطرّق المحاضر إلى ما وصفه بـ"خطر الاعتياد"، مبينًا أن تحول الخدمة إلى فعل يومي روتيني، يتم أداؤه من دون وعي أو إحساس داخلي، يُفقدها روحها الحقيقية. وأوضح أن الإخلاص لا يتحقق بالاستمرار على الفعل وحده، بل بتجديد النية واستحضار الغاية مع كل خطوة. وحذّر من أن بعض العاملين في الشأن الديني أو الخدمي قد ينجرون تدريجياً إلى أداء واجباتهم بدافع التكرار أو الشعور بالواجب الاجتماعي، من دون أن يكون هناك دافع وجداني صادق، وهو ما يؤدي إلى ضعف الأثر الروحي لديهم.
الحذر من المظاهر والبحث عن الثناء
وفي سياق متصل، نبّه السيد الجزائري إلى خطر الرياء والتصنّع في أداء الأعمال الدينية، مشيرًا إلى أن بعض الأفراد قد يُغريهم الثناء أو الإشادة الاجتماعية، فيتحول عملهم من وسيلة للتقرب إلى الله إلى وسيلة لإرضاء الآخرين أو إثبات الذات. وشدد على ضرورة أن يبقى العمل الخدمي محاطًا بحالة من التواضع والصمت، بعيدًا عن الأضواء والتمجيد الشخصي، مؤكدًا أن المجتمع قد ينظر إلى المظهر، لكن ما يصنع القيمة الحقيقية للفرد هو ما يخفيه قلبه من نوايا.
خدمة الزائرين كمنهج تربوي
أوضح المحاضر أن الخدمة، سواء كانت للزائرين أو في أي مجال ديني، لا ينبغي أن تقتصر على الممارسة العملية فقط، بل يجب أن تكون ذات بعد تربوي وأخلاقي. فهي فرصة لبناء الشخصية وتهذيب النفس، كما أنها وسيلة لتأثير إيجابي على الآخرين من خلال السلوك، لا من خلال الكلام أو الإرشاد المباشر. وأكد أن الأثر الحقيقي لأي عمل لا يقاس بحجمه أو نوعه، بل بنيّة من يقوم به وهدفه منه، سواء كان ذلك الهدف إصلاح النفس أو الإسهام في إصلاح الآخرين.
دعاء للمخلصين وتحذير من الانزلاق نحو الأهداف الدنيوية
اختُتم اللقاء بدعاء تضرّع فيه المحاضر بأن يمنّ الله على جميع الخدام بالإخلاص والثبات، وأن يبارك جهودهم ويجعلها خالصة لوجهه الكريم. كما أعاد التحذير من أن تتحول الخدمة إلى وسيلة دنيوية أو منصة اجتماعية، مؤكدًا أن من يعمل من أجل الناس فقط قد يخسر أعظم ما يمكن أن يُكسب من هذا الطريق، وهو رضا الله والقبول الحقيقي في موازين الأعمال.