النَّجفيّ يشارك في مؤتمر الذكرى المئوية لتأسيس حوزة قمّ المقدَّسة، ويؤكد أهمية استقلالية الحوزات العلميَّة.

النَّجفيّ يشارك في مؤتمر الذكرى المئوية لتأسيس حوزة قمّ المقدَّسة، ويؤكد أهمية استقلالية الحوزات العلميَّة.



10/5/2025


* التأكيد على مظلومية الشعب الفلسطينيّ واليمنيّ، واستنكار ما يتعرض لهما الشعبان من اضطهاد.


    شارك ممثل سماحة المرجع النَّجفيّ (دام ظله)، ومدير مكتبه المركزي في النجف الأشرف، سماحة الشيخ علي النَّجفيّ، في المؤتمر العلمي الذي أُقيم في مدينة قمّ المقدَّسة بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحوزة العلميَّة فيها، وألقى كلمة المرجعيَّة بهذه المناسبة.

وأكد سماحة المرجع النَّجفيّ (دام ظله) في كلمته على أهمية الدور الذي نهضت به حوزة قمّ المقدَّسة منذ تأسيسها قبل قرن، على يد المرجع الكبير الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي (أعلى الله مقامه)، مشيراً إلى أنّ هذا الصرح المبارك شكّل امتداداً مباركاً لجهود الأئمة (عليهم السلام) والعلماء في حفظ الشريعة ونشر المعارف الإلهية.

وأشار سماحته إلى عدد من النقاط المحورية لتطوير الواقع الحوزوي، منها: ضرورة تأسيس ودعم الحوزات العلميَّة قرب مراقد الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، لما في ذلك من بركات علمية وروحية، وتوجيه طلاب العلم لتحديد أهدافهم بدقة بين الاجتهاد والتبليغ والتفقه، واعتماد مناهج رصينة تؤهلهم للتفوق في مختلف الحقول العلميَّة، إضافة إلى الاستفادة من الوسائل التعليمية الحديثة، بما ينسجم مع خصوصية العلوم الدينية.

كما جدّد سماحته التقدير والعرفان لجهود العلماء الذين ساهموا في تأسيس هذا الصرح وبنائه علميًا وروحيًا، سائلاً الله تعالى أن يوفق العاملين في سبيل رفعة الحوزات وصون مكانتها.

وعلى هامش زيارته، التقى سماحة الشيخ علي النَّجفيّ بعدد من مراجع الدين في قمّ المقدَّسة، واطمأن على صحتهم، واستمع إلى رؤاهم حول التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، ولا سيما الاعتداءات المستمرة على الشعبين الفلسطينيّ في غزة واليمنيّ، مؤكدين جميعًا ضرورة وحدة الصف ونصرة قضايا الأمة العادلة.


وفيما يأتي نص كلمة سماحة المرجع النَّجفيّ(دام ظله):


كلمة سماحة آية الله العظمى المرجع الدّينيّ الكبير الشيخ بشير حسين النَّجفيّ(دام ظله) بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس حوزة قمّ المقدَّسة.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربّ العالمين بارئ الخلائق أجمعين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً وهدايةً للعالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللّعنُ الدائم على أعدائهم أجمعين..

أمّا بعد..

فقد قال الله سبحانه وتعالى في محكمِ كتابِه ومُنيفِ خطابهِ: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ  وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).

صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم

نحتفي معكم اليوم، أيها العلماء الأعلام والحضور الكرام، بمرور قرنٍ من الزمن على الانطلاقة المباركة والعظيمة لحوزة قمّ المقدَّسة، التي أُسِّسَت على يدِ عالمٍ عاملٍ وقائدٍ من قادة الحوزات العلميَّة في العالم، ألا وهو المرجع العظيم الشيخ عبد الكريم الحائريّ اليزديّ (أعلى الله درجاته في علّيين)، وقد استمرت هذه الحوزة حتى أضحت حصناً منيعاً من حصون الدين.

إنَّ هذا الإنجاز والانتصار الكبير والمهمّ للطائفة قد جاء استمرارًا للمسيرة المباركة، برعاية وليِّ الله الأعظم-  أرواحُنا لترابِ مقدمه الفداء - التي بدأها الأئمّة صلواتُ الله وسلامُه عليهم، حيث فتحوا أبوابهم لطلبة العلم من مختلف أصقاع الأرض، بحسب ما سنحت الظروف لكلٍّ منهم، لنشر العلوم والمعارف، وحثّوا شيعتَهم على استحصال العلم ونشره. ثمّ نهض بعدهم بأعباء تلك المسؤولية العظيمة علماءُ الطائفة ومشايخُها، أمثال الشيخ المفيد، والسيد المرتضى، والشيخ الطوسي، والمحقّق الحليّ، في بغداد والحِلَّة والنجف الأشرف.

فأسَّسوا تلك الحصونَ التي لآذ بها العلماءُ وطالبو الحقِّ وخُدَّامُ شريعةِ سيدِ المرسلين (صلى الله عليه وآله)، فأنتجت ما أنتجت وأثمرت ما أثمرت، حتى التحقت حوزةُ قمّ المقدَّسة الشريفةُ بهذا الركبِ المباركِ منذ قرنٍ من الزمن، وأثبتت جدارتها وقوتها وأهميةَ دورها، خصوصًا في الصراعِ الثقافيِّ والدّينيّ في العقودِ الأخيرة.

ونحن وإياكم، إذ نبارك لإمام زمانِنا وقائدِنا الحُجَّةِ بنِ الحسنِ (صلواتُ الله وسلامُه عليه)، هذا الإنجازَ المستمرَ بإذن الله تعالى في هذه الحوزةِ المباركةِ وباقي الحوزاتِ الشريفة، نجدِّدُ الثناءَ للعلماءِ الأعلامِ الذين قدَّموا أرواحَهم الزكية، وصرفوا أعمارَهم المباركة وأوقاتَهم، وكلَّ ما جادت به أيديهم المباركة، لإقامةِ هذا الصرحِ العظيم، وهم شركاءُ في أجرِ وثوابِ العلماءِ والمتعلِّمين.

وإنَّنا نغتنمُ اجتماعَ العلماءِ والفضلاءِ وممثِّلي الحوزاتِ العلميَّة، وكلَّ المعنيينَ بشأنها، في هذا المؤتمرِ المباركِ المنعقدِ لهذه المناسبةِ العزيزة، كي نعرضَ بعضَ الأمورِ المهمَّة، مستلهمينَ الدروسَ من نجاحِ هذه الحوزةِ المباركةِ.. وغيرها.

1. ضرورةَ العملِ على تأسيسِ ودعمِ الحوزاتِ الموجودةِ بجوارِ مراقدِ الأئمةِ الأطهارِ وذراريهم في مختلفِ أصقاعِ الأرض، لما لوجودِهم من بركةٍ وأثرٍ في أن تكونَ مراقدُهم حاضنةً مناسبةً للحوزاتِ العلميَّة.

2. التأكيدُ على استقلاليّةِ الحوزاتِ العلميَّة من جميعِ النواحي؛ لما لها من أثرٍ بالغٍ على نوعيّةِ النتاجِ واستمرارِه.

3. ضرورةُ توجيهِ الراغبين في الالتحاقِ بركبِ الحوزاتِ إلى تحديدِ الهدفِ من دخولِهم إلى الحوزة، هل هو الاجتهادُ أو التبليغُ أو التفقّه، وذلك لتحديدِ المنهجِ المناسبِ لهم، استثمارًا للطاقاتِ وتنظيمًا للجهودِ.

4. التأكيدُ على اعتمادِ مناهجَ علميّةٍ رصينةٍ ودقيقةٍ تؤهّلُ طلابَ العلمِ لحيازةِ قصبِ السبقِ والمراتبِ العُليا في جميعِ الحقولِ العلميَّة التي تُعنى الحوزاتُ العلميَّة بتهيئةِ المتخصِّصينَ لرفدِها.

5. الاستفادةُ من الوسائلِ الحديثةِ العلميَّة بما ينسجمُ مع العلومِ والمعارفِ الحوزويّةِ، لتكونَ معينًا صالحًا لروّادِ الحوزاتِ العلميَّة.

ختامًا، نسألُ اللهَ (سبحانه وتعالى) أن يتقبَّلَ الجهودَ الكبيرةَ والمخلصةَ للقائمينَ على إقامةِ هذا المؤتمرِ المبارك، وأن يسدِّدَ خُطاهم.

 كما نرجوه تعالى أن يتغمَّدَ علماءَنا الماضينَ بوافرِ رحمتِه ونعمتِه وكرامتِه، ويرزقَهم جوارَ النبيينَ في جنَّتهِ، وأن يوفِّقَ العامِلينَ والمشتغلينَ للعلمِ والعملِ الصالح.

ونسألُه تعالى أن يحفظَ حصونَ الدين، الحوزاتِ العلميَّة الشريفةَ المباركةَ في كلِّ مكان، وأن يوفِّقَنا وإياكم لإكمالِ المسيرةِ بما يرضي اللهَ، ويُسِرُّ مولانا صاحبَ الزمانِ (صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه).

..والسلام


بشير حسين النَّجفيّ

النجف الأشرف



اشترك في قناة النجفي تليجرام


أرسال
طباعة
حفـظ