يجب احترام يتامى الشهداء بإِشعارهم بالعظمة التي كسبها آباؤهم وأَولياهم, ومنحوا تلك العظمة وأورثوها لأَبنائهم.

في بيان لمكتب سماحة المرجع (دام ظله)

يجب احترام يتامى الشهداء بإِشعارهم بالعظمة التي كسبها آباؤهم وأَولياهم, ومنحوا تلك العظمة وأورثوها لأَبنائهم.



22/9/2016


* على  المنابر تنبيه المسؤولين على لزوم الاهتمام بهذا الشعب المظلوم.

* يجب على الناس الاهتمام بخدمة المجاهدين في جبهات القتال، والاهتمام البارز بعوائل الشهداء وأيتامهم.

* على الخطباء المباشرة بتفقد العوائل ,واستصحاب وجوه المجتمع إِلى أَبواب العوائل المنكوبة.

* يجب احترام يتامى الشهداء بإِشعارهم بالعظمة التي كسبها آباؤهم وأَولياهم, ومنحوا تلك العظمة وأورثوها لأَبنائهم.

أكد سماحة الشيخ علي النجفي (دام عزه) مدير مكتب سماحة المرجع(دام ظله) على خطباء  المنابر تنبيه المسؤولين على لزوم الاهتمام بقضايا الشعب العراقي ورفع المعاناة عنهم، جاء هذا خلال مشاركته في المؤتمر الحادي والثلاثين للخطباء والمبلغين، والمقام في محافظة النجف الأَشرف.

سماحته أَضاف في كلمته أَهمية وضرورة حثّ عموم الناس على الاهتمام بخدمة المجاهدين في جبهات القتال، والاهتمام البارز بعوائل الشهداء وأَيتامهم، مطالباً الخطباء المباشرة بتفقد العوائل واستصحاب وجوه المجتمع إِلى أَبواب العوائل المنكوبة، ومؤكداً على وجوب أَن يكون السعي بنحو لا ينحصر على الأثرياء، بل حتى الذي يعجز عن توفير الخدمة المالية الواسعة عليه أَن يسعى في المساهمة بالذي يتمكن عليه، مشدداً على احترام يتامى الشهداء بإِشعارهم بالعظمة التي كسبها آباؤهم وأَولياهم, ومنحوا تلك العظمة وأورثوها لأَبنائهم.

فيما يلي نص كلمة المكتب المركزي لسماحة المرجع (دام ظله):

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

نحمد الله على نعمائه, ونستعينه على الشكر للاِستزادة من آلآئه ، ونصلي على حبيبه محمد بن عبد الله، الذي اصطفاه لهداية بريته, وشفيعاً لأُمته, وعلى آله السادة الميامين، واللعنة الدائمة على أَعدائهم، وغاصبي حقوقهم, ومنكري فضائلهم إِلى يوم الدين.

قال الله سبحانه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) صَدَقَ اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

أَيها السادة الخطباء, وفرسان المنبر الحسيني, وحملة راية الجهاد في سبيل الشعائر الحسينية، قدّ مَنَّ الله علينا بأن أَلهمنا كلمة التوحيد، وفوَّهنا بها بالإِخلاص، ونزهنا بذلك من الشرك والإِلحاد، وأَفاض علينا بنعمة الإِيمان بالنبي الأَكرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فبرَّأنا بذلك عن الكفر، كما شرَّفنا بحب أَهل بيته، والولاية للأئمة الطاهرين من ذريته, فخلَّص نفوسنا بذلك من النفاق، وبيَّن لنا في ضمن الأوامر المشار إِليها في الآيات الشريفة التي تلوناها سُبل الرقي، والتشرف بالفوز بالدرجات الشريفة للإيمان, فيجب علينا أَن نتأمل في تلك المعاني السامية ونسعى في اكتسابها؛ ليكون لنا الكأس الأَوفى (يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).

وقد ركزت الآيات على جملة من الصفات للمؤمنين التي يجب السعي في كسبها.

منها: (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)، الخوف والوجل من الله سبحانه، وخصوصاً حين ذكره يرتبط بالمباشرة بمعرفة الله تعالى، والخطوة الأَساس إِليها هي تنزيه المأكل والمشرب وكل حركة أو سكون من جوارحنا, وكل لمحة من خلجات نفوسنا, وعند كل نَفَسٍ وطَرفَةَ عين من الشرك والإِلحاد.

ومنها: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً)، يعني تلاوة الآيات الشريفة بالتأمل والتدبر والاستماع إلى من يتلوها, يشدّ الإِنسان إِلى الله وإِلى مبادئ الدين الحنيف، وتتجلى عظمة الله سبحانه في أُفق نفسه إذا نُظِّفت النفسُ من الانحرافات بجميع أنواعها العقائدية والسلوكية، بالالتزام بالمبادئ وتطبيقها العملي.

ومنها: (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فأَن الإِنسان إذا أحرز الصفات التي أَشرنا إِليها، وتحلى بها وتنزه من أضدادها ونقائضها, تتولد لديه الثقة بالله سبحانه وحده، ويتجلى في سماء نفسه ويترسخ في كيانها أن لا أَحد يستحق الوثوق والتوكل غيره سبحانه، إِن من أحرز ما أَشرنا إِليه يأتم بأُسس الإِسلام ومبادئه السامية، وطرقه وسبله الشارعة؛ فيسعى في إِقامة الصلاة, وهذا السعي لا يكون بفعله الصلاة فقط، بل بدعوة الآخرين إِلى الإِتيان بها، من خلال الأَمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومنها: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، ومعلوم أَن الإنفاق مما كسبه الإنسان أَو ما منحه الله سبحانه بدون تعب, كالفواضل والفضائل السامية والعلوم والمعارف والأموال التي يمتلكها الإنسان بالإِرث أَو الهبة أو بالمواصلة الإِنسانية مع بعضهم بعضا، فأَن ذلك يساعدنا جميعاً في خلق التصالح والترابط العائلي والاجتماعي، والتعاون الخلقي والنفسي, وعلى التحلي بالمعاني التي لابد من إحرازها لخلق المجتمع الخالي من السلبيات, والبعيد عن مهاوي الفساد.

ومنها: (أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)، فالمؤمن إِذا أحرز تلك الصفات أَصبح فائزاً بأَعلى مراتب الإِيمان, واستحق الدرجات العالية لا في النعيم الخالد في الجنة فقط, بل يُحرز الفوز بالمراتب السامية من القرب الإِلهي، والذي هو أَعلى شأناً وشرفاً وعزة من نعيم الجنة كما في قوله سبحانه: (وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

وينبغي أَن نعلم أَن هذا كله لا يغني الإِنسان من مغفرته سبحانه، فإن العبد مهما بلغ وأرتفع، يبقى ناقصاً مفتقراً إِلى المغفرة الإِلهية، حتى يمّن الله علينا بالعفو، لنتخلص من تبعات ذلك النقص اللازم له من جهة كونه ممكن الوجود، كما أَن دوام التمتع بذلك الفوز مرهون بدوام الفيض الإِلهي المقدس، والنعمة العليا وراء كُل هذا هو الرزق الكريم، وملذات هذا الرزق ليست في المأكل والمشرب والمنكح فقط، بل هناك نوع آخر من الرزق, وهو التشرف بالقرب الإِلهي والاستمرار في السمو والرقي في درجات تأخذنا إلى مراتب عالية في سماء قربه.

فهذه المعاني ينبغي السعي في إِحرازها, والمناسبات الدينية التي نتشرف بها تعيننا على تعبيد الطريق إلى تلك المعاني العالية.

فنحن مقدمون على أيام محرم الحرام التي تذكرنا بمواقف المجاهدين وعظمتهم التي كسبوها بطاعتهم المستميتة والمطلقة لإمامهم وقائدهم وسيدهم الإِمام الحسين (عليه السلام)؛ فيجب علينا التأمل في سيرتهم ومواقفهم؛ لنستنير بها في دروبنا لإِصلاح أَنفسنا وإِصلاح المجتمع, والسعي في إِنقاذ العراق الجريح من المفاسد والمصائب وخيانات الخونة.

وفي هذا الشأن يجب على خطباء المنابر الاهتمام بعرض سيرة الإِمام الحسين (عليه السلام) الخاصة والعامة, وسيرة أَصحابه (عليهم السلام) بالاهتمام والكشف عن ملابسات تلك الفاجعة الأَليمة ومبادئ تلك المعركة الفاصلة بين الحق والباطل، ومقتضياتها التي تمثلت في حركة المنافقين في إِبعاد الناس عن أَهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى في حياته، ثم ما تلاها من الأحداث إِلى أَن وقعت الفاجعة، ويجب علينا كشف النتائج التي أراد تحقيقها سيد الشهداء (عليه السلام) بتلك المواقف المشرفة؛ لتبقى نهضته نبراساً لنا ولأَجيالنا القادمة، وبذلك نمهد لسلطة ولينا الأَعظم منقذ البشرية (عجل الله تعالى فرجه) من براثن الظلام والانحطاط الذي يسوقون نفوسنا إِليهما.

كما يجب على ساسة المنابر تنبيه المسؤولين على لزوم الاهتمام بهذا الشعب المظلوم، وحث عموم الناس على الاهتمام بخدمة المجاهدين في جبهات القتال، والاهتمام البارز بعوائل الشهداء وأيامهم، ونأَمل من خطبائنا المباشرة بتفقد العوائل, وذلك باستصحاب وجوه المجتمع إِلى أَبواب العوائل المنكوبة، ويجب أَن يكون السعي بنحو لا ينحصر على الأثرياء, بل حتى الذي يعجز عن توفير الخدمة المالية الواسعة عليه أَن يسعى في المساهمة بالذي يتمكن به، ويجب احترام يتامى الشهداء بإِشعارهم بالعظمة التي كسبها آباؤهم وأَولياهم, ومنحوا تلك العظمة وأورثوها لأَبنائهم.

وأخيراً، ينبغي الاهتمام بالشعائر الحسينية بكل ما نتمكن، وتنزيهها عن ما ينافي الشرع الشريف كالاختلاط بين الجنسين وتطهير القصائد والردات عن الأَلحان الغنائية، مع حثِّ الناس على المشاركة فيها، ويجب أَن نعلم وأَن نُشعر الناس بأن استمرار الإِسلام وانتشاره على البسيطة مرهون بالشعائر الحسينية ولا يجوز التساهل فيها، والاستخفاف بها، ونسعى في إِبعاد الناس عن شرِّ مَنْ بعدها بدعوى التخلف ـ العياذ بالله ـ.

ويجب دفع المعارضين للشعائر وإِبعادهم عن المجتمع بكل ما نتمكن, وعلى الخطباء دفع الشبهات التي يثيرها أَتباع النظام البائد والذين توسخت نفوسهم بأَفكار الملحدين وترسبات الأَحزاب المنافقة التي تسعى جاهدة في منع الشعائر الحسينية.

أَرجو الله تعالى أن يمن علينا جميعاً بالتوفيق للاهتمام بالشعائر الحسينية؛ لنكسب بذلك شفاعة رسول الله، والأَئمة الأَطهار، والزهراء، ورعاية وشفاعة من وليِّ الله الأَعظم (عليهم الصلاة والسلام)، والسلام..

اشترك في قناة النجفي تليجرام


أرسال
طباعة
حفـظ