يشددون على تحقيق مطالب المتظاهرين بشكل عملي، محذرين من زج المظاهرات في أي مظهر من مظاهر العنف والمساس بالممتلكات.

من خلال منابر الجمعة، وكلاء ومعتمدو مكتب سماحة المرجع

يشددون على تحقيق مطالب المتظاهرين بشكل عملي، محذرين من زج المظاهرات في أي مظهر من مظاهر العنف والمساس بالممتلكات.



13/7/2018


شدَّد وكلاء ومعتمدو مكتب سماحة المرجع (دام ظله) من خلال منابر الجمعة على أهمية أن تعمل الحكومة الاتحادية من خلال جلسة لمجلس الوزراء ـ طارئة عملية لا بروتوكوليةـ للعمل على تنفيذ الوعود التي قطعتها على أنفسها في محافظة البصرة الفيحاء والنظر بمطالب المواطن الذي ضاق ذرعاًَ من الوعود التي لم تأخذ بطريقها نحو التنفيذ.

أَصحاب السماحة والفضيلة أكدوا أهمية أن يرعى المتظاهرون الواجب الشرعي والوطني للحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وتوحيد ا لمطالب من خلال إِنشاء لجان تنسيقية مشتركة للتفاوض وإِبعاد المظاهرات عن أي مظهر من مظاهر العنف والتنشنج والمضر بأهدافها.

هذا ودعوا من خلال خطبهم القوات الأمنية على ضرورة ضبط النفس والتعامل بحكمة مع المتظاهرين والتفريق بينهم وبين المندسين وعدم استخدام السلاح، مؤكدين في الوقت ذاته أن على الأحزاب السياسية النظر إِلى وحدة العراق وأمنه بعيداً عن المصالح الضيقة والفئوية..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

*_ قال تعالى: (يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اسْتَجِيبُواْ للّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ *  وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).

* _ تظافرت آيات القران الكريم وفِي مواضع عدة لدعوة المسلمين للعلم والعمل والطاعة والتسليم لكنّها هنا تتابع الهدف ذاته عن طريق آخر، فتقول ابتداءً: (يا أيّها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم).

فهذه الآية تقول بصراحة: إنّ دعوة الإِسلام هي دعوة للعيش والحياة، الحياة المعنوية، الحياة المادية، الحياة الثقافية، الحياة الاقتصادية، الحياة السياسية، الحياة الأخلاقية، والاجتماعية، وأخيراً الحياة والعيش بالمعنى الصحيح على، جميع الأصعدة، وهذه أقصر وأجمع عبارة عن الإِسلام ورسالته الخالدة، إذا سأل أحد عن أهداف الإِسلام، وما يمكن أن يقدمه، فنقول جملة قصيرة: إنّ هدفه هو الحياة على جميع الأصعدة، هذا ما يقدمه لنا الإسلام.

* _ وهنا ينقدح تساؤل هل كان الناس موتى قبل بزوغ نور الإِسلام ونزول القرآن ليدعوهم القرآن إِلى الحياة..؟

وجواب هذا التساؤل: نعم، فقد كانوا موتى وفاقدي الحياة بمعناها القرآني؛ لأنّ الحياة ذات مراحل مختلفة أشار إِلى جميعها القرآن الكريم.

فتارةً تأتي بمعنى (الحياة النباتية) كما يقول القرآن: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)، وتارةً تأتي بمعنى (الحياة الحيوانية) مثل: (إنّ الذي أحياها لمحي الموتى)، وتارةً بمعنى (الحياة الفكرية والعقلية) مثل: (أوَ مَن كان ميتاً فاحييناه)، وبالنظر إِلى هذه الأقسام التي ذكرناها نعرف أنّ الناس في الجاهلية كانوا يعيشون الحياة الحيوانية والمادية، وكانوا بعيدين عن الحياة الإِنسانية والمعنوية والعقلية، فجاء القرآن ليدعوهم إِلى الحياة.

ومن هنا نعلم أنّ من يضع الدين في قوالب جامدة لا روح فيها بعيداً عن مجالات الحياة، ويختزله في مسائل فكرية واجتماعية صرفة فقد جانب الصواب كثيراً، لأنّ الدين الصحيح هو الذي يبعث الحركة في كل جوانب الحياة، ويحيي الفكر والثقافة والإِحساس بالمسؤولية، ويوجد التكامل والرّقي والوحدة والتآلف، فهو إذاً يبعث الحياة في البشرية بكل معنى الكلمة.

* _ثمّ يقول تعالى: (واعلموا أنّ الله يحول بين المرء وقلبه وأنّه إليه تحشرون).

والمقصود بالقلب هنا (الروح والعقل)، أمّا كيف يحول الله بين المرء وقلبه؟ فقد ذكروا لذلك احتمالات مختلفة..

ويمكن بنظرة شاملة جمع كل التفاسير في تفسير واحد، هو أنّ الله عزّ وجلّ حاضر وناظر ومهيمن على كل المخلوقات. فإنّ الموت والحياة والعلم والقدرة والأمن والسكينة والتوفيق والسعادة، كلّها بيديه وتحت قدرته، فلا يمكن للإِنسان كتمان أمر ما عنه، أو أن يعمل أمراً بدون توفيقه، وليس من اللائق التوجه لغيره وسؤال من سواه؛ لأنّه مالك كل شيء والمحيط بجميع وجود الإِنسان. وارتباط هذه الجُمل مع سابقتها من جهة أنّه لو دعا النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الناس إِلى الحياة، فذلك لأنّ الذي أرسله هو مالك الحياة والموت والعقل والهداية ومالك كل شي.

وللتأكيد على هذا الموضوع فإنّ الآية تريد أن تقول: إنّكم لستم اليوم في دائرة قدرته فحسب، بل ستذهبون إليه في العالم الآخر، فأنتم في محضره وتحت قدرته هنا وهناك، وهذا ما تعنيه الآية (وأَنه إِليه تحشرون).

*_ ثمّ تشير الآية الثانية إِلى عاقبة السوء لمن يرفض دعوة الله ورسوله إِلى الحياة فتقول: (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً).

وكلمة (فتنة) استعملت في القرآن المجيد بمعان مختلفة،  وأمّا في هذه الآية فإنّ كلمة (فتنة) بمعنى البلاء والمصائب الاجتماعية التي يصاب بها الجميع فيحترق فيها الأخضر مع اليابس، وفي الحقيقة فشأن الحوادث الاجتماعية هو هكذا، فإذا ما توانى مجتمع ما عن أداء رسالته، وانهارت القوانين على أثر ذلك، وانعدم الأمن، فإنّ نار الفتنة ستحرق الأبرار مع الأشرار، وهذا هو الخطر الذي يحذر الله تبارك وتعالى منه ويحذر في هذه الآية المجتمعات البشرية كلّها.

* _المستفاد من الآية هنا هو أنّ أفراد المجتمع مسؤولون عن أداء وظائفهم، وكذلك فهم مسؤولون عن حثّ الآخرين لأداء وظائفهم أيضاً؛ لأنّ الاختلاف والتشتت في قضايا المجتمع يؤدي إِلى انهياره، ويتضرر بذلك الجميع، فلا يصحّ أن يقول أحد بأنّنى أؤدي رسالتي الاِجتماعية ولا علاقة لي بالآثار السلبية الناجمة عن عدم أداء الآخرين لواجباتهم؛ لأنّ آثار القضايا الاجتماعية ليست فردية ولا شخصية.

وهذا الموضوع يشبه تماماً ما لو احتجنا لصد هجوم الأعداء إِلى مئة ألف مقاتل، فإذا قام خمسون ألف مقاتل بأداء وظائفهم فمن اليقين أنّهم سيخسرون عند منازلتهم العدو، وهذا الانكسار سيشمل الذين أدوا وظائفهم والذين تقاعسوا عن أدائها وهذه هي خصوصية.

ويمكن إيضاح هذه الحقيقة بصورة أجلى وهي: أنّ الأخيار من أبناء المجتمع مسؤولون في التصدّي للأَشرار؛ لأنّهم لو اختاروا السكوت فسيشاركون أُولئك مصيرهم عند الله كما ورد ذلك في حديث مشهور عن النّبي (صلى الله عليه وآله ) حيث قال: (إنّ الله عزّ وجلّ لا يعذب العامّة بعمل الخاصّة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه ولا ينكروه فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصّة والعامّة).

ويتّضح ممّا قلناه أنّ هذا الحكم يصدق في مجال الجزاء الإِلهي في الدنيا والآخرة، وكذلك في مجال النتائج وآثار الأعمال الجماعية، وتُختتم الآية بلغة التهديد فتقول: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) لئلا يصاب هؤلاء بالغفلة بسبب الألطاف والرحمة الإِلهية وينسوا شدّة الجزاء الإِلهي، فتأكلهم الفتن وتحيط بهم من كل جانب، كما أحاطت المجتمع الإِسلامي، وأرجعته القهقرى بسبب نسيانه السنن والقوانين الإِلهية.

* _ إِذا القينا نظرة قصيرة إِلى مجتمعنا الإِسلامي في زماننا الحاضر والانكسارات التي أصابته أمام أعدائه، والفتن الكثيرة، كالاستعمار والصهيونية، والإِلحاد والمادية، والفساد الخلقي وتشتت العوائل وسقوط شبابه في وديان الفساد، والتخلف العلمي، كل ذلك يجسد مضمون الآية، وكيف أنّ تلك الفتن أصابت كل صغير وكبير، وكل عالم وجاهل، وسيستمر كل ذلك حتى اليوم الذي تتحرك فيه الروح الاجتماعية للمسلمين، ويهتم الجميع بصلاح المجتمع ولا يتخلفوا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر..

نسال الله أَن يجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

* _ تظاهر المئات من أهالي مدينة البصرة بجنوب العراق الخميس للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية وحل أزمتي الكهرباء والبطالة، وذلك بعد أيام من سقوط قتيل وجرحى في مظاهرات مماثلة.

ولما وقفت الحكومة المحلية عاجزة عن معالجة مشاكل البصرة مع تقاعس من وزير هنا ووزير هناك فعليه :-

أوّلاً:- ندعو الحكومة الاتحادية لعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء في البصرة تكون عملية لا بروتوكولية أو الإسراع بتنفيذ الوعود التي قطعتها اللجنة الوزارية التي أرسلت إلى البصرة.

ثانياً:- ندعو الأَخوة المتظاهرين بضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة وتوحيد المطالَب من خلال إِنشاء لجنة تنسيقية مشتركة للتفاوض؛ كما ونؤكد على ضرورة الحفاظ عليها من المندسين وأَن تكون سلمية بعيدة عّن أََي مظاهر مسلحة.

ثالثاً:- دعوة القوات الأمنية على ضرورة ضبط النفس والتعامل بحكمة مع المتظاهرين والتفريق بينهم وبين المندسين وعدم استخدام السلاح.

رابعاً:- دعوة الأحزاب بالنظر إِلى وحدة العراق وأمنه بعيداً عن المصالح الضيقة والفئوية..

نسال الله تعالى السداد والرشاد والأمن للبلاد والعباد.



أرسال
طباعة
حفـظ