يجب صيانة الوطن من المخاطر الداخلية والخارجية التي تزرع الفتن والاختلاف.

خطباء جمعة مكتب سماحة المرجع(دام ظله)

يجب صيانة الوطن من المخاطر الداخلية والخارجية التي تزرع الفتن والاختلاف.



11/7/2019


طالب خطباء الجمعة من وكلاء ومعتمدي مكتب سماحة المرجع (دام ظله) في مختلف المحافظات والمدن العراقية بصيانة الوطن من المخاطر الداخلية والخارجية والتي تتسبب إِضعاف التماسك بين أَفراد الشعبي العراقي من جهة، ومن جهة أخرى في خلق النزاعات والعداوات والفتن الداخلية سواء كانت دينية أَو قومية مما تتسبب في إِضعاف سيادته.

واستذكر الخطباء ذكرى ولادة الإِمام الرضا (عليه السلام) وجوانب من حياته وسيرته المقدسة وأَهمية الوقوف عند ها للتعلم منها وفيما يأتي مقتطفات من هذه الخطب.

روى الصقر بن دلف: - قال سمعت سيّدي علي بن محمّد بن علي الرضا (عليه السلام) -ويعني الهادي-  يقول: (من كانت له إلى الله حاجة فليزر قبر جدّي الرضا (عليه السلام) بطوس، وهو على غسل وليصل عند رأسه ركعتين، وليسأل الله حاجته في قنوته، فانّه يستجيب له ما لم يسأل في أثم أو قطيعة رحم، وإن موضع قبره لبقعة من بقاع الجنّة لا يزورها مؤمن إلّا اعتقه الله من النار وأحلّه دار القرار).

بداية أَيها المؤمنون:- نبارك لكم ذكرى ولادة الإِمام الرؤوف علي بن موسى الرضا (صلوات الله عليه) والتي نحن على أعتابها في الحادي عشر من ذي القعدة الحرام سائلين العلي القدير أَن يجعلنا من المشمولين بعنايته والطافه أنه سميع الدعاء.

* وأشرقت الأرض بمولد الإمام الرضا (عليه السلام)، فقد ولد خير أهل الأرض، وأكثرهم عائدة على الإسلام، وسرت موجات من السرور والفرح عند آل النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد استقبل الإمام الكاظم (عليه السلام)  النبأ بهذا المولود المبارك بمزيد من الابتهاج، وسارع إلى السيدة زوجته يهينها بوليدها قائلا: "هنيئاً لك يا نجمة كرامة لك من ربك.."، وأخذ وليده المبارك، وقد لف في خرقة بيضاء، وأجرى عليه المراسم الشرعية، فأذَّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ودعا بماء الفرات فحنكه به، ثم رده إلى أمه، وقال لها: "خذيه فانه بقية الله في أرضه.."، هكذا لقد استقبل سليل النبوة أول صورة في دنيا الوجود، صورة أبيه إمام المتقين، وزعيم الموحدين، وأول صوت قرع سمعه هو: "الله اكبر"، "لا اله إلا الله"، وهذه الكلمات المشرقة هي سر الوجود، وأنشودة المتقين.

وسمّى الإمام الكاظم (عليه السلام) وليده المبارك باسم جده الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، تبركاً وتيمناً بهذا الاسم الذي يرمز لأعظم شخصية خلقت في دنيا الإسلام، والتي تحلت بجميع فضائل الدنيا.

* نشأته (عليه السلام):- نشأ الإمام الرضا (عليه السلام) في بيت من أجلِّ البيوت وأرفعها في الإسلام، إنه بيت الإمامة، ومركز الوحي ذلك البيت الذي إذن الله أن يرفع، ويذكر فيه اسمه في هذا البيت العريق ترعرع الإمام الرضا ونشأ وقد سادت فيه أرقى وأسمى ألوان التربية الإسلامية الرفيعة، فكان الصغير يحترم ويبجل الكبير، والكبير يعطف على الصغير، كما سادت فيه الآداب الرفيعة، والأخلاق الكريمة ولا تسمع فيه إلا تلاوة كتاب الله، والحث على العمل الصالح وما يقرب الإنسان من ربه.

* أما سلوك الإمام الرضا (عليه السلام) فقد كان أنموذجاً رائعا لسلوك آبائه الذين عرفوا بنكران الذات، والتجرد عن كل نزعة لا تمت إلى الحق والواقع بصلة، لقد تميز سلوك الإمام الرضا (عليه السلام) بالصلابة للحق، ومناهضة الباطل، فقد كان يأمر المأمون العباسي بتقوى الله تعالى، وينعي عليه تصرفاته التي لا تتفق مع واقع الدين، وقد ورم أنف المأمون من ذلك وضاق منه ذرعا فقدم على اقتراف افضع جريمة وهي اغتيال الإمام (عليه السلام).

وكان سلوكه مع أهل بيته وإخوانه مثالا آخر للصرامة في الحق، فمن شذ منهم في تصرفاته عن أحكام الله تعالى جافاه وابتعد عنه حتى يتوب ويثوب إِلى رشده.

أما سلوكه مع أبنائه فقد تميز بأروع ألوان التربية الإسلامية خصوصاً مع ولده الإمام الجواد (عليه السلام)، فكان لا يذكره باسمه، وإنما كان يكنيه، يقول: كتب إلي، كنت كتبت إلى (أبي جعفر) ويعني الجواد على حداثة سنه  كل ذلك لتنمية روح العزة والكرامة في نفسه.

* هيبته (عليه السلام):

أما هيبة الإمام، فكانت تعنو لها الجباه، فقد بدت عليه هيبة الأنبياء والأوصياء الذين كساهم الله بنوره، وما رآه أحد إلا هابه، وكان من هيبته أنه إذا جلس للناس أو ركب لم يقدر أحد أن يرفع صوته من عظيم هيبته.

ويقول الرواة: إنه إذا جاء إلى المأمون بادره الحجاب والخدم بين يديه، ورفعوا له الستر، ولما بلغهم أن المأمون يريد أن يبايع له بولاية العهد تواصوا على أنه إذا جاء لا يصنعون له الحفاوة والتكريم الذي كانوا يصنعونه، وجاء الإمام على عادته فأخذتهم هيبته وبادروا إلى تكريمه كما كانوا يصنعون، وتلاوموا فيما بينهم وأقسموا أنه إذا عاد لا يقابلوه بذلك التكريم ولما جاء (عليه السلام) في اليوم الثاني قاموا إليه وسلموا عليه إلا انهم لم يرفعوا له الستر، فجاءت ريح فرفعته كعادته، ولما أراد الخروج أيضاً رفعت الريح الستر، فقال بعضهم لبعض: إن لهذا الرجل شأنا ولله به عناية ارجعوا إلى خدمتكم.

* وأَما عن علمه فعن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، ولا رآه عالم إلا شهد له بمثل شهادتي، ولقد جمع المأمون في مجالس له ذوات عدد علماء الأديان وفقهاء الشريعة والمتكلمين فغلبهم عن آخرهم حتى ما بقي أحد منهم إلّا أقرّ له بالفضل وأقرّ على نفسه بالقصور.

* ولعل اجمع وصف ما وصفه به احد الرواة فعن إبراهيم بن العبّاس أنّه قال: "ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا، وشاهدت منه ما لم أشاهده من أحد، وما رأيته جفا أحداً بكلامه قطّ، ولا رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر عليها، ولا مد رجليه بين يدي جليس له قطّ، ولا اتَّكأ بين يدي جليس له قطّ، ولا رأيته يشتم أحداً من مواليه ومماليكه، وما رأيته تفل قطّ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه بل كان ضحكه التبسُّم، وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس على مائدته مماليكه ومواليه حتى البواب والسائس، وكان قليل النوم بالليل، كثير السهر، يحيي أكثر لياليه من أوّلها إلى الصبح، وكان كثير الصوم، ولا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر، ويقول: ـ ذلك صوم الدهر ـ وكان كثير المعروف والصدقة في السرّ، وأكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة، فمن زعم أنه رأى مثله في فضله فلا تصدّقوه".

الخطبة الثانية:

* نؤكد هنا على أَن من موارد السلامة المهمة والمصيرية هي (صيانة الوطن) عما يعترضه من مخاطر داخلية وخارجية وإضعاف تماسك مواطنيه وإدخاله في النزاعات والعداوات والفتن الداخلية الدينية والمذهبية والقومية او إضعاف سيادته وموقعه او التفريط بحقوقه وحقه في التقدم والازدهار والرقي، وأَن هذه السلامة بكل الأَنواع التي ذكرت هي مسؤولية الفرد والمجتمع ومؤسسات الدولة في جميع المجالات وهي ليست مسؤولية جهة دون أخرى، أو مسؤولية الفرد دون المجتمع او المؤسسات بل تعد مسؤولية الجميع.

نعم أَن الدولة وضمن إطار المسؤولية الكبرى كراع أول وأكبر لعموم المجتمع فهي تتحمل قسطاً وافراً من المسؤولية لما حملت من هذه الأمانة الكبيرة في رعاية الأفراد والمجتمع والوطن.

اشترك في قناة النجفي تليجرام


أرسال
طباعة
حفـظ