يجب أن تكون زيارة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) مدرسة أخلاقية لكل موال، تغير واقعه نحو الأحسن.

يجب أن تكون زيارة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) مدرسة أخلاقية لكل موال، تغير واقعه نحو الأحسن.



29/3/2020


في رد على سؤال وجه لمكتب سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الشيخ بشير النجفي حول الظروف التي تمر بالعراق والتوجيهات الصادرة بمنع أداء الزيارات بمناسبة الولادات في شهر شعبان المعظم فقد أكد سماحته في الجواب إن الزيارات لقبور الأئمة(عليه السلام) إنما هي لنستلهم منهم طريق الهداية وطرق التقرب إلى الله سبحانه فعلى المؤمن في كل مناسبة كولادة المعصوم أو شهادته أو مناسبة توفيق الله له بالمثول أمام قبره الشريف زائراً له أن يسترشد بأقوال الإمام(عليه السلام) وسيرته وحسن سلوكه والتزامه بالدين وتضحيته لأجل دين وشريعة جده(صلى الله عليه وآله)، داعياً جميع المؤمنين الالتزام بخط أئمة اهل البيت (عليهم السلام) وسيرتهم العطرة في الحياة والتعلم منها حاثا جميع المؤمنين اداء الزيارة بهذه المناسبة سواء كان من قرب أون بعد.

وفيما يلي نص الجواب على السؤال المقدم للمكتب المركزي لسماحة المرجع(دام ظله):

الولادات المباركة في شهر شعبان المعظم.

سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الشيخ بشير حسين النجفي (دام ظله).

من المعلوم أنّ غرة شهر شعبان المعظم تمر علينا  ذكرى ولادة أعاظم في التاريخ الإسلامي وهم سيد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام) وأخاه مولانا سيد المجاهدين أبا الفضل العباس (عليه السلام) وابنه الإمام زين العابدين علي السجاد(عليه السلام)، وفي أيامنا هذه قد ابتلى العالم بانتشار وباء (كورونا) الذي سيمنعنا - للأسف- من التشرف بزيارة كربلاء المقدسة في تلك الأيام نتيجة منع السلطات خوفاً من زيادة تفشي المرض، فهل من نصيحة من سماحتكم في ظل ما نحن فيه مع بيان أهم الصفات التي تميز فيها كل إمام منهم (عليهم السلام) عن غيره وما ينبغي لنا استفادته من سيرتهم، دمتم لنا ولجميع المؤمنين أباً وموجهاً لإرشادنا لدين محمد وآل محمد(عليهم السلام).

بسمه سبحانه: لا شك في أننا بزيارتنا لقبور الأئمة(عليه السلام) نستلهم منهم طريق الهداية وطرق التقرب إلى الله سبحانه فعلى المؤمن في كل مناسبة كولادة المعصوم أو شهادته أو مناسبة توفيق الله له بالمثول أمام قبره الشريف زائراً له أن يسترشد بأقوال الإمام(عليه السلام) وسيرته وحسن سلوكه والتزامه بالدين وتضحيته لأجل دين وشريعة جده(صلى الله عليه وآله)، وقد علمنا أنّ فقرات الزيارات المأثورة مليئة بهذه النصائح كقوله: (أشهد أنّك جاهدت في الله حق جهادته وعملت بكتابه واتبعت سنن نبيه صلى الله عليه وآله).. ونحوها من الكلمات، ولا ينبغي للمؤمن أن يترك الزيارة سواء وفّق للمثول بين يدي الإمام(عليه السلام) أم لم يوفق لسبب أو لآخر فليتشرف بزيارته عن بعد ويرى نفسه ماثلاً بين يديه(عليه السلام) حين الزيارة ويستعرض المعاني التي ذكرت في ألفاظ الزيارة.     

ومن المؤسف جداً أنّ معظم من يقصد الزيارة من قريب أو من بعيد همه منحصر في حوائجه الدنيوية والأخروية وكأنّه يطرق باب الإمام (عليه السلام) ليأخذ منه، وشذ وندر من يأتي إليه لتقديم نفسه وإخضاعها مع ما في يده لطاعته ومن هنا قلّ من نجد أنّه استفاد استفادة تامة من الزيارة، فعلى الزائر أن يزور من قرب أو بعد لتجديد البيعة وتقديم العهد لتجديده مع الإمام بمعنى أنّه يكون عازماً لتقديم رقبته وما في يده طاعة للإمام ليرجع وقد أصبح في ربقة طاعة الإمام، فعليه أن يحاسب نفسه بعد الزيارة فهل تغيرت نفسه تغيراً واضحاً جلياً عما كانت عليه قبل الزيارة أم لا؟ فإن لم يحدث فقد خسر حتى ولو حصل على مبتغاه من حوائجه الدنيوية، أسأل الله سبحانه أن لا يفوت علينا التشرف في زيارة أئمتنا(عليهم السلام) ونبقى في ربقة طاعتهم متضرعين بشفاعة ولي الله الأعظم أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.

وينبغي التنبيه أنّ الله ميز المعصومين(عليهم السلام) كل واحد منهم بميزات – لظروف خاصة أحاطت به - مع اشتراك الكل في العظمة المشتركة، فميز سيد الشهداء(عليه السلام) بتفانيه دون الحق وكرمه وسخائه وإحاطة المجاهدين بعطفه وثنائه، فعلينا حين نزوره(عليه السلام) أن نستلهم منه هذه المعاني السامية ونسعى في تجسيدها والثبات على الحق مهما ابتلينا في سبيله ونتذكر قوله: (والله لا أجيبهم إلى شيء مما يريدون حتى ألقى الله تعالى وأنا مخضب بدمي)، وكان كلما اشتد الأمر يقول(هون عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله).

وتميزت شخصية الإمام السجاد (عليه السلام) بالعبادة والدعاء والتضرع فهذه صحيفته تشهد بمواقفه وتدعونا للتمسك والسير بمنهجه والأدعية التي أنشأها بإلهام من الله ترشدنا إلى حقائق دينية أساسية من التوحيد إلى نهاية الأصول والفروع، وبتفاعله مع مصيبة أبيه الحسين(عليه السلام) في جميع حركاته وسكناته، وبتوليه إنعاش الفقراء فكان يقدمهم على إفطاره، فمن يتولى هذا الإمام(عليه السلام) عليه أن يأخذ مواقفه نبراساً ومنهجاً.

وأما مولانا العباس(عليه السلام) فتميزت شخصيته بتقوى الله في السر والعلن

والخضوع لأوامر الحسين(عليه السلام) كخضوع أنامل الإنسان لإرادته، وشجاعته في سبيل إقامة الحق والذود عنه والتنمر في ذات الله وهي المعاني التي ابتغاها أمير المؤمنين(عليه السلام) وجعلها الغاية من اقترانه بأمه أم البنين(عليها السلام)، ولأجل هذه المعاني في ذاته القدسية ولجلالة أمه جعل الله عتبته الشريفة ملجأً للمؤمنين للتقرب إليه(عز وجل) وطلب حوائجهم.

ولا ننسى أنّه في نصف هذا الشهر ولادة الإمام المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) وهو آخر جزء وآخر لحمة من عترة النبي(صلى الله عليه وآله)، حفظها الله لنا ولجميع المؤمنين من الملائكة والإنس والجن ليحقق به مقصد الأنبياء والرسل جميعاً ومبتغى شهادة آبائه الطاهرين(عليهم السلام) وأمه الزهراء(عليها السلام) وهو تنفيذ الشريعة على البسيطة كلّها والإنتقام إلى مَن أساء للدين وحملته، فعلينا أن نتقرب إلى الله بحب الإمام(عجل الله فرجه الشريف) وطاعته ونسعى في كسب حبه ورضاه ليشملنا في دعواته الشريفة.

اللهم عجل لوليك الفرج واجعلنا من أنصاره وأعوانه واللائذين تحت لوائه، إنّهم يرونه بعيدا ونراه قريبا وليدفع عنا هذا البلاء بشفاعته إلى الله(عز وجل).