كلمة مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الكبير الشيخ بشير حسين النجفي(دام ظله) بمناسبة عيد انتصار الثورة الإسلامية في إيران 8/2/2016 ![]() |
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي هدانا صراطاً سويا، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله، وعلى آله الغر الميامين، واللعنة على أعدائهم أجمعين، إلى قيام يوم الدين. قال الله سبحانه: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ) صَدَقَ اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ. حقاً أنه كان انتصار الثورة الإسلامية في إيران حدثاً تاريخياً متميزاً، بثت أنوار الهداية في العالم أجمع، وبعثت في النفوس المنهكة تحت ضغط الانحرافات العقائدية والعملية الأمل، وأعادت إلى شجرة الإسلام نضارتها؛ ومن يتريث في الاعتقاد بعظمة هذا الحدث عليه أن يعيش بفكره الحالة بعد الثورة بالقياس إلى ما قبلها، ولم يكن للثورة التأثير الديني في النفوس فقط، بل أثبتت للعالم أجمع أنه بإمكان الشعوب التحرر من ذلِّ عبودية الاستكبار العالمي، فعلينا جميعاً شكر هذه النعمة، ومعرفة قدرها، والسعي في المحافظة عليها وعلى القائمين بإدارة الأمور مراعاة أهمية الثورة والسعي الحثيث في الحيلولة دون انحرافها عن الخط الذي رُسم لها من قبل أولئك الأوائل الذين خططوا قبل تسنم آية الله العظمى السيد روح الله الخميني (قدس) قيادتها، وما رسم لها من طريق ذلك القائد الفذ. وقد علم العالم أنه لم تُتح فرصة لعرض الإسلام الحقيقي على البشرية، وكانت وما زالت المبادئ الإسلامية محفوظة في صدور العلماء وبطون الكتب، ولا يعلم العالم اليوم من الإسلام إلاّ أسمه المشير إلى أن هناك ديناً سماوياً جاء به محمد بن عبد الله (صلى الله عليه واله) في رديف الأديان السماوية الأخرى، والثورة الإسلامية في إيران عرضت هذا القانون على العالم مواده ومميزاته كافة من خلال التطبيق العملي، فحقيقٌ أَن يقال إِنها فتحٌ للإسلام، وابراز للوجه الحقيقي للدين الحنيف في ضوء تعليمات أهل بيت النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله). وكلما حصلت عليه الجمهورية الإسلامية في إيران من التقدم في المجال التقني والسياسي والاقتصادي هو بالتحرر من تبعية الشرق والغرب، إنما هو ثمرة لتلك الدماء الزكية التي أريقت في شوارع وأزقة طهران... وغيرها من المدن، وما زالت تلك الأصوات المرتفعة من الحناجر المشتملة على التكبير والتهليل ترن في سماء إيران، ونعلم أن تلك الدماء أمانة في رقابنا جميعاً، وإنما قصد أصحابها ترسيخ دعائم الإسلام، فعلينا السعي في المحافظة عليها، ونكون على أهبة الاستعداد لبذل كل غال ونفيس لأجل المحافظة على مكتسبات هذه الثورة في المجالات كافة، فأي انحراف لا سامح الله في المجال الديني والعقائدي والتطبيق في الفروع، وأي تساهل في سبيل المحافظة على النظام الإسلامي الأصيل وأي خلل في مسيرة التقدم، يعد استهانة بتلك الدماء الزاكيات. فهنيئاً لتلك القوى التي ما زالت تحافظ بجد على مكتسبات الثورة في المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، وسلامة الوطن والتقدم إلى الأمام، لإنقاذ النفوس التي ارتمت في أحضان السبات في أنحاء العالم؛ لنتمكن من بث الوعي في العالم كله، مقدمة لظهور وليّ الله الأعظم (عجل الله تعالى فرجه) وتمهيداً لإقامة العدل الإلهي في العالم كله. وجديرٌ بالذكر والإهتمام تأخر توفر الظروف التمهيدية لتطبيق شريعة الإسلام الأصيل في العراق، رغم ما تحمل هذه البقعة من الأرض من المقتضيات الطبيعية والدينية والعقول النيرة، فإن هذه الأرض الطيبة قد تشرفت بوجود قبور ستة من الأَئمة والقادة المعصومين وإن هذه الأرض كانت عاصمة لدولة أول إمام من أئمة الحق، وموعودة بأن تكون مركز عاصمة دولة آخر الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) وتشرفت هذه الأرض بوجود أعلى وأشرف وأقدم وأعرق حوزة علمية، والتي تعتبر أم الحوزات على البسيطة، ولكن تعنَّت أعداء الإسلام والسعي الحثيث من المنافقين بقيادة الاستكبار العالمي في خلق الحواجز والموانع أقتضى تأخر أمنية المؤمنين، وغاية قادة المذهب في العراق، رغم ما قدمت من التضحيات الجسام، وما أريق في سبيلها من الدماء الزاكيات، ولكن لم نيأس وستستمر الجهود على جميع الأصعدة لتحقيق هذا الهدف الذي هو وعد موعود من الله سبحانه ((وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)). أرجو الله أن لا يكون ذلك اليوم بعيداً الذي ترتفع فيه راية الإسلام الأصيل بيد ولي الله الأعظم على أَرض العراق، وتنبسط اشعتها في العالم كله. وأخيراً، نهنئ وليّ الله الأعظم (أرواحنا لمقدمه الفداء) وجميع العلماء والقادة السياسيين المخلصين في الجمهورية الإسلامية وغيرها، بذكرى انتصار الثورة، وكذلك نهنئ ذوي الشهداء الذين ضحوا في سبيل الثورة الإسلامية، فسلام الله على تلك الدماء.. والسلام عليكم.. |