خطباء جمعة مكتب سماحة المرجع ينددون بأعمال العنف وترويع العوائل الصادرة من بعض رجالات العشائر، ويؤكدون حرمتها.

خطباء جمعة مكتب سماحة المرجع ينددون بأعمال العنف وترويع العوائل الصادرة من بعض رجالات العشائر، ويؤكدون حرمتها.

25/4/2019




ندَّد وكلاء ومعتمدو مكتب سماحة المرجع من خطباء الجمعة بأعمال العنف التي بدرت من بعض رجالات العشائر في الآونة الأخير، مشددين في الوقت ذاته ما أكدرت وحذرت منه المرجعية الدينية مراراً وتكراراً من حرمة سفك الدماء بلا مبرر، فضلاً عن ترويع العوائل والأَطفال ممن لا ذنب لهم، واتخاذ المواقف المستعجلة التي لا تجر إلا الندامة.

أصحاب السماحة والفضيلة افتتحوا حديث صلاة الجمعة بالقول: "نعرب عن أسفنا لأحداث عشائرية سببها الاستعجال في المواقف, فمن يركب ظهر الباطل لا يلومن إِلا نفسه إِذا نزل بدار الندامة"، ليعربوا في الخطبة الثانية بالقول: "هذه الأَفعال لا تصور على أَنها رجولة، بئس الرجولة التي تظلم وتروع العائلة والعشيرة وعلى الشخص أن يتأمل وأن لا يتأثر بإغراء الآخرين الذين يبثون به الباطل والشحناء والبغضاء لسفك الدماء".

خطباء الجمعة قدموا جوانب مشرقة مما أفاض به الإمام زين العابدين (صلوات الله عليه) من خطبه المباركة، وفيما يأتي قطوفاً مما قدم:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

* متى يكون مصيره وساعة موته وقد تؤدي الندامة إِلى هلاك، وهنا نعرب عن أسفنا لأحداث عشائرية سببها الإستعجال في المواقف فمن يركب ظهر الباطل لا يلومن إِلا نفسه إِذا نزل بدار الندامة.

ومن تتمة لخطبة سابقة لمولانا زين العابدين (صلوات الله عليه) كان يخطب بها في الجمعة:- "فازهدوا في ما زهّدكم الله (عزّ وجل) فيه من عاجل الحياة الدنيا"، فإنّ الله (عز وجل) يقول وقوله الحقّ: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) يونس/ 24.

فكونوا عباد الله من القوم الذين يتفكّرون، ولا تركنوا إلى الدنيا فإنّ الله (عزّ وجل) قال لمحمّد (صلّى الله عليه وآله): (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) هود/113، ولا تركنوا إلى زهرة الدنيا وما فيها ركون من اتّخذها دار قرار ومنزل استيطان، فإنّها دار بُلغة، ومنزل قلعة، ودار عمل، فتزوّدوا الأعمال الصالحة فيها قبل تفرق أيامها، وقبل الإذن من الله في خرابها، فكان قد أخربها  الذي عمرّها أول مرة وابتدأها وهو ولي ميراثها فأسأل الله العون لنا ولكم على تزوّد التقوى، والزهد فيها.

جعلنا الله وإيّاكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا، الراغبين لأجل ثواب الآخرة، فإنّما نحن به وله، وصلّى الله على محمّد وآله.

* أَيها المؤمنون:- أَن منشأ حب الدنيا والتعلّق بها والاستغراق في ملذّاتها وشهواتها فيعود إلى أمرين أساسيّين:

الأوّل: هو رؤية الإنسان أنّ كماله وسعادته وراحته إنّما هي محصورة في هذه الحياة الدنيا، على حساب الحياة الآخرة، ولقاء الله تعالى والارتباط به.

الثاني: الجهل بحقيقة الحياة الدنيا، ودورها الحقيقيّ في حياة الإنسان.

فعندما يرى الإنسان أنّ سعادته وكماله يكمن في نعم الدنيا وملذّاتها وشهواتها، دون أن يخطر في بال هذا المسكين أنّ الدنيا فانية وزائلة في الأصل (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ)، وأنّها لم تدم لغيره حتى تبقى له، فكيف يجد الإنسان سعادته في أمر فان؟! وكيف يعلّق آماله على شيء زائل؟! فكلّ من يركن إلى الحياة الدنيا وينجذب إليها، ولا يتورّع عن الدخول في حرامها، ويسرف في حلالها، فلن يلبث أن يقع في المعصية التي إن أصرّ عليها أهلكته لا محالة، لذا كان بغض الدنيا من أفضل الأعمال، كما ورد عن رسول الله  (صلى الله عليه وآله)  أنّه قال: "ما من عمل أَفضل عند الله بعد معرفة الله، ومعرفة رسوله، وأَهل بيته من بغض الدنيا".

 

* إنّ الحياة الحقيقيّة والأبديّة للإنسان والخلود متيسّر في عالم الآخرة فقط، أمّا الحياة الدنيا فمتاعها قليل، وهي فانية وزائلة: (قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى)؛ ولكنّ هذا لا يعني أن لا قيمة لهذه الحياة الدنيا، فإذا عرف الإنسان حقيقة الحياة الدنيا ودورها، وأدرك أنها مقدّمة للحياة الحقيقيّة الخالدة في عالم الآخرة، والتفت إلى أنّ اللحظات القصيرة التي جعلها الله تعالى له في الدنيا ستكون مفتاحاً لكنوزه الأخرويّة الأبديّة، وفهم ماهيّة العلاقة بين الدنيا والآخرة، وتأثير حياته الدنيويّة على حياته الأخرويّة الخالدة، وعرف أنه لا بدّ من الزراعة هنا حتى يتمّ الحصاد هناك، فممّا قاله عيسى (عليه السلام):- "بحق أقول لكم إنّ الدنيا خلقت مزرعة يزرع فيها العباد الحلو والمرّ والشر "، وأنّ أولي النعمة هناك هم الذين أنجزوا أعمالاً هنا، وسعوا وجدّوا من أجل تلك الحياة وتحصيل السعادة فيها، عندها سوف يدرك أنّ للدنيا دوراً وتأثيراً إيجابياً جدّاً في ارتقائه وتكامله، فعن أمير المؤمنين علي  (عليه السلام) قال: "إنّما الدنيا دار ممرّ والآخرة دار مستقر، فخذوا من ممرّكم لمستقرّكم"

والإنسان الذي يتمتّع بهذه المعرفة، فإنّه لن يعادي الحياة الدنيا؛ لأنّه سيدرك هذه الحقيقة وهي أنّه كلّما استمرّ وجوده في الدنيا أكثر كان قادراً على التكامل أكثر، وإنجاز المزيد من الأعمال الصالحة وبالتالي بلوغ مقامات أخرويّة أسمى.

نساله تعالى التوفيق بمحمد وآله الطاهرين..

الخطبة الثانية:

* سبق وأَن حذرت المرجعية مراراً وتكراراً العشائر بالا تركب ظهر الباطل وأَلا تسفك الدماء بلا مبرر وفعل الباطل لمجرد شبهة؟

وهذه الأَفعال لا تصور على أَنها رجولة، بئس الرجولة التي تظلم وتروع العائلة والعشيرة وعلى الشخص أن يتأمل وأن لا يتأثر بإغراء الآخرين الذين يبثون به الباطل والشحناء والبغضاء لسفك الدماء.

ونشدد على ضرورة إلتزام الإنسان بالحكمة لينجو من ندم الفعل الباطل وأَن يتصرف على ما يمليه العقل ويتأمل وأَن لا يستعجل وأَن يركب ظهر الحق لا الباطل وأَن يكون حكيماً فعلاً وقولاً ولا يناقض نفسه.

وليعلم أَن دار الندامة ليس أمراً سهلاً وليس كل ندامة تتدارك والعمر ليس فيه بقية ولا يعلم الإِنسان.