بعد أن باركوا للمؤمنين عيدهم, خطباء منبر مكتب سماحة المرجع يؤكدون أهمية توحد الصف الاجتماعي.

بعد أن باركوا للمؤمنين عيدهم, خطباء منبر مكتب سماحة المرجع يؤكدون أهمية توحد الصف الاجتماعي.

6/6/2019




بارك خطباء الجمعة من وكلاء ومعتمدي مكتب سماحة المرجع (دام ظله) للمؤمنين حلول عيد الفطر المبارك، مستعرضين في الوقت ذاته عدداً من النصائح والتوجيهات لتوحيد وتأصيل الروابط الاجتماعية وعلاقة المؤمنين فيما بينهم؛ ذلك من خلال ما سُن في الشارع المقدس لحقوق المؤمن على أخيه المؤمن.

أصحاب السماحة والفضيلة أَكدوا أن عيد الفطر المبارك لابد أن يكون مظهراً من مظاهر التآلف والمحبة فيما بين المؤمنين، مستعرضين الجوانب الشرعية لتناسي جميع الخلافات والسير قدماً نحو مجتمع متماسك متآلف متاحب يخدم بعضه البعض.

هذا وأعرب أصحاب السماحة أن الوقوف عند حقوق الأخوة الإيمانية سينعكس تماماً على مراحل تطور مجتمعنا إذا ما أحسن وأدرك المؤمنون ذلك، وفيما يأتي جوانب مما قدمّ على منبر الجمعة:

روي عن مولانا الصادق (عليه السلام):- (ما عُبد اللَّه بشي أفضل من أداء حق المؤمن، والله إن المؤمن لأعظم حقاً من الكعبة).

* أَيها المؤمنون:- بداية نبارك لكم ولعامة المؤمنين حلول عيد الفطر المبارك بعد شهر - يفترض أَن يكون من محاربة النفس والهوى - سائلين العلي القدير أَن يتقبل منا الأَعمال وأَن يوفقنا للمحافظة على مغانم شهر رمضان فأَن الإبقاء على العمل أَشد من العمل، وأَلا يجعله آخر العهد منا لصيام شهر رمضان أَنه سميع الدعاء.

* من أَهم ما ينبغي أَن نشير إِليه تزامناً مع العيد حقوق الإخوة في الإِسلام:- لا يخفى إن للأخ المؤمن حقوقاً عظيمة في الإسلام، بما له من مكانة وحرمة هي أعظم وأكبر من حرمة الكعبة المشرّفة، توجب علينا أن نتعامل معه على أساسها من خلال معرفتها ومراعاتها مع كل ما تحمله من أبعاد إيمانية لاستقامة مسيرة الحياة الفاضلة، سواء من الناحية الفردية أو الاجتماعية لذلك لم يكن بالإمكان التجاوز عن معرفة العوامل الإيجابية التي هي مصدر التواصل والتعارف، ولا عن معرفة العوامل السلبية التي هي مصدر الافتراق والاختلاف؛ لأن الإقدام على شي‏ء أو الإحجام عنه، إنما يكونان بعد الإطلاع على الموجب لذلك في كليهما، وعلى ضوء ما ذكر يعطينا الإمام زين العابدين (عليه السلام) درساً من دروس الإسلام شارحاً الوظيفة في كلا الاتجاهين ضمن رسالة الحقوق، فلنفتح أذان قلوبنا لما سيقوله (عليه السلام) في الفقرة الآتية:- (وحق أخيك، أن تعلم أنه يدك التي تبسطها، وظهرك الذي تلتجى‏ء إليه، وعزك الذي تعتمد عليه، وقوتك التي تصول بها، فلا تتخذه سلاحاً على معصية اللَّه، ولا عدة للظلم لخلق اللَّه، ولا تدع نصرته على نفسه ومعونته على عدوّه، والحؤول بينه وبين شياطينه، وتأدية النصيحة إليه، والإقبال عليه في اللَّه، فإن انقاد لربه وأحسن الإجابة له، وإلا فليكن اللَّه اثر عندك وأكرم عليك منه)، ومعنى ذلك أن الأخ يجسّد القوة التي تستطيع أن تقهر بها الأعداء وتذل بها الباطل وهو مورد عزك الذي تستطيع أن تعلي هامتك به وظهرك الذي تستند إليه ويدك التي تبطش بها وإذا كان الأخ بهذه المثابة والمنزلة فلا يجوز استغلاله في معصية اللَّه وقهر عباده بمعنى أن يتحول إلى أداة فساد وعنصر ضلال، كما أنه إذا كان على الحق يجب عليك أن تنصره وتعينه على حل مشاكله وتنصحه في شؤونه فإذا كان مطيعاً للَّه عاملاً بأمره منقاداً لحكمه، فهذه غاية أمنيتك، وإذا انحرف عن ذلك وابتعد عنه فليكن اللَّه تعالى أكرم عليك منه واثر لديك.

* واعلموا إن أكثر ما تكون المشكلة في مرحلة العمل والأداء، لا في مرحلة العلم فقط؛ لأن المهم أن أعمل بما علمت لا أن أقرأ الحقوق وأتعرف عليها وأحسن تعدادها ثم لا أراعيها، فإن المطلوب هو أن أتعاطى معها بالأحقية التي هي عليها حيث رتبها الإسلام العزيز وجعل بعضها متقدماً على الاخر، وإلا لو كان السلوك العملي في الحياة لا يبرهن على صدق الموقف فهذا يعني أننا لم نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام في العلاقة مع الاخر، بل من خلال معرفتنا بالحقوق أصبحت الحجة علينا أكبر، والحساب أعظم، ولذلك لو تفحصنا مليّاً في أساليب التعامل والتعاطي بين كثير من الأخوة ووقفنا في بعض شوارع المسلمين أو مدارسهم أو أسواقهم لوجدنا ما يعاكس الاتجاه الذي تدعو إليه المدرسة القرانية وتحث عليه السيرة المباركة لأهل البيت  (عليهم السلام) وما ذلك إلا لانتهاك الحقوق والتعدي والقيام بما لا يسوغ القيام به؛ ولأجل عدم الالتزام العملي بأيسر حق من الحقوق التي عدّدها الصادق  (عليه السلام) ألا وهو أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك فهل ترى أن هذا الحق الأيسر مراعى حينما يعمل أحدنا على الإضرار بالآخر أو مضايقته في مسكنه أو متجره أو موقف سيارته أو يتمنى زوال النعمة عنه ويسعى في تشويه سمعته، وكيف إذا كان ذلك على مستوى الجماعة فيما إذا قطع طريقهم وحال بينهم وبين مقاصدهم وهو يكره ذلك لنفسه فهل يكرهه لغيره؟!

 

* من هنا كان الواجب أن نقرأ هذه الحقوق في حياتنا اليومية من خلال الأعمال؛ لأنه ربما تخوننا الذاكرة فننسى ما مرّ بنا وتعود المشكلة كما كانت عليه.

* كثيراً ما تكون المودة قائمة بأجمل معانيها وصورها بين أخوين وبعد ذلك تزول لتنقلب إلى كراهية وفي بعض الحالات إلى عداوة بعد صداقة قديمة وأخوة حميمة، فما هو السبب يا ترى؟

إن السبب هو انتهاك الإنسان لحق أخيه وقيامه بالأسباب التي توجب زوال المودة والتي من الواجب اجتنابها لا ارتكابها، وهي:

إن إفراد كل حق على حدى أكثر إعانة لمحاسبة النفس على مراعاته أو انتهاكه، لذا لا بد لنا من وقفة تأمل في هذه العجالة نستعرض ضمنها واحداً من الحقوق ألا وهو العفو عن الزلات:-

إِن أخاك ليس ملكاً من الملائكة ولا نبياً من الأنبياء بل هو بشر مثلك يصدر منه الزلل ويخطى‏ء في بعض الأحيان ومن حقه عليك أن تغفر له زلته وتتجاوز عن خطيئته، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام):- (شر الناس من لا يعفو عن الهفوة ولا يستر العورة).

العيد فرصة سانحة للتصالح والعفو ونسيان أو تناسي الزعل والعتب وأماثة الأحقاد والضغائن.

إِلى ما هنالك من حقوق قد نعرض لها في جمعة قادمة.. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين...