كلمة مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الكبير الشيخ بشير حسين النجفي(دام ظله) لزيارة أربعينية الإمام الحسين(عليه السلام) في ظل جائحة كورونا.

كلمة مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الكبير الشيخ بشير حسين النجفي(دام ظله) لزيارة أربعينية الإمام الحسين(عليه السلام) في ظل جائحة كورونا.

12/9/2020




بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الذي منّ علينا بخير البشر الرسول الأعظم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) والسادة المعصومين من آله وذريته (سلام الله عليهم) واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى يوم الدين.

قال الله سبحانه: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)، (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً)، (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً)

صَدَقَ اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

لا يخفى على المؤمنين أن الاحتماء من الأمراض بأنواعها ومنها ما يأتي من جائحة كورونا واجب شرعي لا ينبغي التكاسل فيه والاستهانة به.

وينبغي أن نعلم أيضاً أن الاحتماء والالتزام بالاحتياط الكامل غير ممكن إلا لشخص يعيش وحده خارج فضاء الكرة الأرضية ويهيئ الله سبحانه له المأكل والملبس من عنده وكذلك باقي ضروريات الحياة.

أفهل يمكن أن لا تحتضن الأم رضيعها ولا ترضعه؟ وهل يمكن لرب الأسرة في بيته أن لا يقترب من أطفاله صغاراً وكبارا؟ وهل يمكن تعطيل الأسواق كلها؟ وهل يمكن تهيئة ضروريات الحياة لكل أحد ولكل أسرة ولو كان ربها يعيش بالكد اليومي بدون الاختلاط؟

ففي ضوء هذه المعضلة الواجب هو الاهتمام بنصائح الأطباء المتفق عليها بالقدر الممكن ولا يجوز تعطيل الواجبات الشرعية وكذلك الأمور التي تبتني عليها الحياة وتقوم عليها أسس الإسلام ويستقر عليها المذهب الحق ومن أهمها الشعائر الحسينية بجميع أنواعها وصنوفها فلنعلم أنها نعم من الله سبحانه علينا فلا يمكن تركها أو إهمالها بل لا يجوز السعي في تخفيفها، وكلنا نعلم أن آباءنا وأجدادنا وصالحي حملة الإسلام ضحوا بكل غال ونفيس في سبيل الشعائر الحسينية وزيارة الحسين (عليه السلام) ولم يرد من الأئمة (عليهم السلام) ما يحتمل التسويغ في ترك زيارته (عليه السلام) مهما كلف الأمر، بل الذي ورد هو الإصرار والتشجيع على الزيارة.

وبما أن سيد الشهداء (عليه السلام) ضحى لأجل الإِسلام فإحياء شعائره بأصنافها إحياء للإسلام وسقي لشجرته الوارفة، فالمحافظة على هذه الشعائر لإبقاء الدين أهم من كل حاجة دنيوية.

فنبغي أن يعلم الزائر أن الله سبحانه _كما علمنا من طريق الأئمة(عليهم السلام)_ وعد بحماية زائر الحسين (عليه السلام) من كل ما يخاف منه فلا يخاف المؤمنون من الوباء وغيره وممن يحمل الحقد على الحسين (عليه السلام) وزائريه، وقد ورد أن أيام الزيارة لا تُحسب من عمر الإنسان فعن الإمام الباقر (عليه السلام): "من زار الحسين على خوف يؤمنه الله يوم الفزع الأكبر وتلقاه الملائكة بالبشارة ويقال له لا تخف ولا تحزن هذا يومك الذي فيه فوزك".

وينبغي أن لا يخفى على الزائر أن رسول الله وعلي وفاطمة والأئمة (صلوات الله عليهم) كلهم يدعون لزائر الحسين (عليه السلام)، وكلما زاد خوفه زاد أجره في الزيارة، وأن زيارة الحسين يوم الأربعين من علامة المؤمن، ومن أتى قبر الحسين ماشياً كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة ورفع له ألف درجة.

فينبغي أن يأتي الكل من شرق الأرض وغربها ماشياً أو راكباً لتصبح الطرق العالمية مليئة بالقاصدين لقبر الحسين (عليه السلام) خصوصاً في عراقنا العزيز أرض الأنبياء والأئمة الطاهرين (عليهم السلام)، حيث تعيش الدنيا في رعاية الحوزة العلمية أُم الحوزات في النجف الأَشرف.

ولا يتوهم أحد أن خوف الضرر يرفع عنا مسؤولية الشعائر الحسينية وأهمية الزيارة فإن المستفاد من الأئمة (عليهم السلام) وسلوكهم وتشجيعهم أن هذه النعمة مبنية على الضرر والخوف وتحمل المشقة كالجهاد بالسيف والذهاب إلى الحج.

 اللهم أعنا على الاستمرار في الانتماء إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وعلى الالتزام بالشعائر الحسينية ومنها زيارة الأربعين المقدسة.

..والسلام