كلمة مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الكبير الشيخ بشير حسين النجفي (دام ظله) في ذكرى ثورة العشرين وانتفاضة الخامس عشر من شهر شعبان

كلمة مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الكبير الشيخ بشير حسين النجفي (دام ظله) في ذكرى ثورة العشرين وانتفاضة الخامس عشر من شهر شعبان

9/7/2012




بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

الحمد لله الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً والصلاة والسلام على من أرسله هدىً ورحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى آله الغر الميامين واللعنة على شانئيهم أجمعين إلى يوم الدين.

قال الله سبحانه: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) صدق الله العلي العظيم

كانَ من عمقِ حكمةِ اللهِ سبحانهُ وعلوِ تدبيرهِ إن اختارَ ارضَ العراقِ لتكون مهد الرسالاتِ ومنبعَ الخيراتِ ومأوى العقولِ النيرةِ وأودعَ في طبيعةِ الشعب العراقي علوَّ الهمةِ وعمقَ التفكيرِ والتوقِ والاشتياقَ إلى نيلِ الدرجاتِ العاليةِ، فالشعبُ العراقيُ متميزٌ بصفات كريمةٍ تؤهلهُ لأن يكونَ سيد المواقفِ الجليلةِ على مرّ التأريخِ ولذلكَ اختارَ اللهُ سبحانهُ أن تكونَ أرضَ الرافدينِ محطَّ حكومةِ أولِ إمامٍ من أئمةِ أهل البيتِ ولتكونَ حينما يشاءُ اللهُ محطَّّّّّّ حكومةِ آخرِ إمامٍ من الأئمة (سلامُ الله عليهم) وتكونُ هذهِ الأرضُ مهداً للقيادةِ العُليا للعالمِ كلهِ وسيدة الموقف في إدارة شؤونِ العالم من الشرقِ والغرب.

ولم يكن ذلك أمراً اعتباطياً وإنما لأجل ما يمتلكُ هذا الشعبُ من الخصائص الحميدةِ التي جعلتهُ ان يختار القيادةَ المخلصة على مرِّ التأريخ المتمثلةَ في الأئمةِ ثم في الفقهاءِ العظامِ والمراجعِ الدينية في النجف الأشرف اللذين يعلمون أن الشعبَ هو الرصيدُ الأساسي للتقدم والأزدهارِ ولنيل الكرامةِ وجُبِلت سليقة العلماءِ على تحملِ المشاقّ على مرِّ التأريخِ وكانوا هُم الطليعةُ في التضحياتِ التي قُدمت في خدمةِ الدينِ وخدمةِ الشعب وكانَ الشعبُ العراقيُّ لانتمائه إلى الدينِ الحنيفِ ومذهبِ أهل البيتِ وأتباعهِ القيادة الأصيلة سبباً لتكالب الأعداءِ من الشرقِ والغرب من أعداء الإنسانيةِ في التفكير في القضاء على هويةِ هذا الشعبِ وكانَ ذلكَ ضمنَ سُلطةِ بني أمية ثم تلتها سُلطةُ العباسيين وتبعهُم العثمانيون ثمَّ الاستكبارُ العالميُ المتمثلُ في الاحتلالِ الانكليزي للعراق ولما عجزّ المستكبرُ الكافرُ عن مواصلةِ الحكم على الشعبِ العراقي بالمباشر اختارَ من اللذين باعوا ضميرهُم قبل أن يبيعوا دينهم لأجنبي فتسلطوا على أزمّةِ الأمور وتمكنوا من الخيراتِ فنهبوها والدماء فأضاعوها والعقولِ فسحقوها وكانت آخرُ حلقةٍ هي سلطةُ النظامِ الغاشم البائد.

وليسَ ذلكَ إلا لأنَّ الشعبَ العراقيَّ يُتوقعُ منه كلَّ الخَيرِ لا للعراقيينَ فقط بل للعالمِ كلهِ إلاّ أن الشعبَ العراقي الذي استنار طريقهُ واهتدى إلى السمو بقيادة المراجع العظام في النجف الأشرف والذي يملكُ إرادةً لا تقهر، واجهَ هذهِ الأنظمة َ كُلها ولا سيما الانكليزْ في ثورةِ العشرين ثم طغيان النظام البائدِ في انتفاضتهِ الشعبانيةِ المباركةِ وكانتْ الوقفةُ البطوليةُ في المعركتين متشابهتينِ عبرتْ للطغاةِ والظلمةِ عن هويةِ

الشعبِ الواقعية وتبعث الأمل في نفوسِ المستضعفينَ في العالم ومن هذا المنطلقْ ينبغي أن يعلمَ الكلُ أن الشعبَ هو الأساسُ وهو الذي يجبُ مراعاةَ شؤنهِ وان خيرات البلدِ الاقتصاديةَ النفطْ والأراضي والمعادن وثرواتِ البرِّ والبحرْ تجبُ أن تَصُبَّ في خدمةِ الشعب، والاستبدادُ بخيراتِ هذا البلدْ يُعتبرُ انتهاكاً لحرماتِ هذا الشعبِ المظلوم فيجبْ أن يعلمَ المتمكنونَ من أزمةِ الأمور أن ما بأيديهم من الثرواتِ الاقتصادية والمناصب السياسية أنها ملكٌ للشعب. والذي بيده شيءٌ منها يجبُ أن يعتبرَ نفسهُ خادماً للشعب وأميناً على خيراتهِ ومسؤلاً عن أفراحه وأتراحه.

وحِرمانُ الشعبِ اليومَ المستمرْ لدليلٌ على القصور والتقصير من القيادات السياسية ويجبُ ان يعلم الجميعُ أنهُ لنْ يهدأ  لعلماءِ النجف  بالٌ ولن يكونَ لهم سكونٌ ولا تريث في مطالبةِ حقوقِ الشعب فهما كلفٌ الأمر، وما نشاهد من التجاذبات والتناحرات على الكراسي إلاّ وجهاً من وجوهِ الإهمال في خدمة الشعب.

أرجو الله سبحانهُ أن يرزق هذا الشعب المظلومْ القادة المخلصينَ اللذينَ يفكرونَ فيه وفي خدمةِ قبلَ أن يفكروا في أنفسهم.. والسلام