خدَمَة المولى أبي الفضل العبَّاس (عليه السلام) في رحاب مكتب سماحة المرجع النَّجفيّ (دام ظله) 3/6/2025 ![]() |
استقبل مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ بشير حسين النَّجفيّ (دام ظله الوارف) وفدًا من منتسبي العتبة العبَّاسية المقدسة، وذلك في إطار سلسلة الزيارات المتواصلة لخدمة المولى أبي الفضل العبَّاس (عليه السلام). وفي مستهل اللقاء، رحب سماحة السيد محمد طاهر الجزائريّ بالوفد الزائر، مثمنًا حرصهم على التواصل المستمر، موضحًا أنَّ الإنسان، في خضم سعيه لتأمين متطلبات العمل والأسرة والانخراط في شؤون المجتمع والسياسة، قد يغفل عن حقيقة وجوده والغاية من خلقه ومصيره المحتوم. وشدَّد على ضرورة أنْ يقف الإنسان مع نفسه وقفة تأمّل ومحاسبة، ليتفكر في مآله، فإنه لن يصطحب معه إلى آخرته سوى عمله. محوران أساسيان: ذنب يُستغفر ونعمة تُشكر وركّزت المحاضرة التي ألقاها سماحته على محورين أساسيين، مستشهدًا بروايات عن الأئمة المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين): الأول هو ذنب يجب أنْ يُستغفر منه، والثاني نعمة يجب أنْ تُشكر عليها. وبيّن أنَّ المطلوب من الإنسان هو الاعتراف الصادق بذنوبه والندم عليها، مع المبادرة إلى الاستغفار الخالص. كما يجب عليه أنْ يقرّ ويعترف بنعم الله سبحانه وتعالى التي لا تعد ولا تحصى، وأنْ يلهج لسانه وقلبه بشكرها. وأكَّد سماحته أنَّ مجرد الإقرار بالذنب دون طلب المغفرة لا يكفي، وأنَّ الشكر لا يتحقق معناه الكامل إلا بالاعتراف الجازم بأنَّ النعمة هي من الله تعالى، وليست نتاجًا خالصًا للجهد الشخصي. الاستغفار الحقيقيّ: ندم وعزم لا مجرد كلمات وفي سياقٍ متصلٍ، شدَّد السيد الجزائريّ على أنَّ الاستغفار ليس مجرد ألفاظ تُردّد باللسان، بل لا بد أنْ يصاحبه حزنٌ داخليٌّ عميق، وندمٌ صادقٌ على ما اقترفه الإنسان من ذنوب، مع إصرار وعزيمة على عدم العودة إليها. وأوضح أنَّ الاستغفار الحقيقي هو الذي ينبع من قلبٍ متألمٍ خاشع، يرفض المعصية رفضًا قاطعًا، ويعقد العزم على إصلاح النفس وتزكيتها. مراجعة النية وحضور القلب في الصلاة وتوقف سماحته عند نقطةٍ جوهريَّةٍ تتعلق بضرورة توجه القلب وحضوره أثناء أداء الصلاة، مبينًا أنَّ كثيرًا من الناس قد يصلون بجوارحهم، بينما تكون قلوبهم وعقولهم سارحةً في أودية الدنيا وزخارفها؛ ولهذا السبب، استُحب في الأحاديث الشريفة الاستغفار ثلاث مرات بعد كل صلاة، لكي يراجع المصلي نيته ويستدرك مدى إخلاصه وصدق توجهه في العبادة. الشكر: إقرار بالفضل الإلهي وفي معرض حديثه عن مفهوم الشكر، أشار السيد الجزائريّ إلى أنَّ الشرط الأول والأساس لتحققه هو الإقرار بأنَّ النعمة مصدرها الله سبحانه وتعالى، وليست من كسب النفس وقدراتها الذاتية فحسب. فضل الشاكر: سعادة تتجاوز النعمة واستشهد سماحته بروايةٍ بليغةٍ عن الإمام علي الهادي (عليه السلام): "الشاكر أسعد بالشكر منه بالنعمة التي أوجبت الشكر؛ لأنَّ النعم متاع، والشكر نِعَمٌ وعُقبى". وفي ختام محاضرته، أوصى السيد الجزائريّ الحضور بأنْ يجعلوا من الاستغفار الصادق والشكر الواعي زادًا ينير لهم قبورهم، ويكون لهم أمانًا يوم المعاد، داعيًا الجميع إلى مراجعة دقيقة وصادقة لأنفسهم، وأن يعيشوا حياتهم بروح الندم على التقصير، والتقدير العميق لعطايا الله ونعمه، متجنبين الوقوع في شرك الغفلة والادعاء الفارغ. |